بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

مرحبا بكم في موقع فضيلة الشيخ/ محمد فرج الأصفر نتمنى لكم طيب الاقامة بيننا        
:: الأخبار ::
رمضان في غزة جوع ودموع وحرمان من العبادة ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الرد على من يزعم ان الجنة يدخلها غير المسلمين ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ثماني عبادات لا تغفلوا عنها في رمضان ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     ملف شهر رمضان ... مقالات وفتاوى ودروس ( العلوم الإسلامية )     ||     أبشروا جاءكم شهر رمضان ... وكيف نستقبله؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     الثلاثة الذين خلفوا عن غزوة تبوك .. فكيف بأمة الإسلام؟! ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     هل من عليه قضاء رمضان يقضيه في شعبان ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     رفع الإشكال في حديث " إذا انتصف شعبان فلا تصوموا " . ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     حكم تخصيص النصف من شعبان بصيام او قيام ؟ ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     يا أهل غزة لا تحزنوا إن الله معكم ( المـكتبة الـمــرئية )     ||     
:جديد الموقع:
 

موقع الشيخ محمد فرج الأصفر || وهــل جعـل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يـاعلمــاء ؟؟؟
::: عرض المقالة : وهــل جعـل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يـاعلمــاء ؟؟؟ :::
Share |

الصفحة الرئيسية >> قســـم المقــالات >> العلوم الإسلامية

اسم المقالة: وهــل جعـل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا يـاعلمــاء ؟؟؟
كاتب المقالة: الشيخ / محمد فرج الأصفر
تاريخ الاضافة: 02/10/2010
الزوار: 2985

إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشرك له، وأن محمد عبده ورسوله وعلى آله وسلم تسليما. وأشهد بأن دين الإسلام هو المهيمن على باقي الشرائع وكتاب القرآن ناسخ لباقي الكتب والصحائف شهادة أقابل بها ربي يوم القيامة يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا مناصب ولا أحساب ولا أنساب إلا من آتى الله بقلب سليم .
أما بعــــــــــد
سبب كتابة هذا الموضوع

لقد أكد عالمان في الأزهر أحدهما عضو المجامع العلمية العالمية وهو الدكتور / أحمد السائح . والأخر نائب بارز في البرلمان عن جماعة الإخوان المسلمين وعضو اللجنة الدينية وهو الشيخ / سيد عسكر يردون على تصريح للدكتورة / سعاد صالح أستاذ الفقه المقارن بالجامعة الأزهرية وعضو الاتحاد العلمي لعلماء المسلمين وقد أعلنت اعتراضها على وصول نصراني لرئاسة الجمهورية وتعللت بالآية القراآنية (وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا) . وأنه لذلك (لابد أن تكون الولاية من المسلم على الكافر وليس العكس) وهو ما أثار غضبا شديدا لدى الأوساط النصرانية والحزبية والثقافية .
وكان رد الدكتور/ أحمد السائح التالي :
***********************
إن ولاية غير المسلمين على المسلمين جائزة ولاحرج فيها إذا كانت تخص أمرا مدنيا مثل المسلمين الذين يعيشون في فرنسا أو بريطانيا أو أي دولة غير إسلامية يخضعون لقوانين تلك الدولة في الأمور الدنيوية وليس الدينية.
واستدل بقول الله تعالى (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ)
أي أن مشيئة الله اقتضت تعدد الأديان والمذاهب ؟
وينبغي على المسلم احترام مشيئة الله واحترام كل الأديان والمذاهب .
وقد اعتبر السايح أن المسلمين والمسيحيين قضاياهم واحدة ؛ ومن ثم يجب التعامل في الأمور الدنيوية بشكل عادي وفي ذلك قال الله تعالى (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) . مشيرا إلى أن الدولة الإسلامية والتي غالبية شعبها من المسلمين لا يصح أن يرأسها مسيحي نظرا لكثرة فرائض الإسلام التي لا علم له بها .
وأما قول الشيخ / سيد عسكر
***************
أن ترشيح القبطي لرئاسة الجمهورية أمر جائز وعلى الشعب أن يختار من يمثلة عبر صناديق الانتخابات .
الرد والتعليق عليهما :

إن كلام الدكتور/ أحمد السائح مجملا فيه تناقض غريب وعجيب ؛ ففي أول الكلام يقول بأنه يجوز ولاية غير المسلمين على المسلمين إذا كان يخص أمر مدنيا ؛
وفي أخر الكلام يقول ليس من الطبيعي والمنطقي أن غير المسلم يتولى أمر المسلم في الأمور الدينية . وهذا ما اتفق عليه جموع العلماء والفقهاء.
فأنا اسال الدكتور/ أحمد السائح من الذي قال من أهل العلم بأن الإمامة العظمى ( الولاية ) من أمور الدنيا أو المدنية ومن الذي أجاز ذلك ؟
وأسال الشيخ / سيد عسكر من الذي أجاز بأن القبطي يرشح لرئاسة الجمهورية كما تدعي ؟
ومن الظاهر أنكما لم تتابعا كتب السياسة الشرعية والولايات بدليل أنكما رددتما الآية الكريمة التي استشهدت بها الدكتورة/ سعاد صالح وعليه سوف أعرض عليكما ما قاله أهل العلم في هذا الباب :
1ـ عقد الإمامة :

الإمامة :
موضوعة لخلافة النبوة في حراسة الدين وسياسة الدنيا ، وعقدها لمن يقوم بها في الأمة واجب بالإجماع وإن شذ عنهم الأصم ، واختلف في وجولها هل وجبت بالعقل أو بالشرع ؟ فقالت طائفة وجبت بالعقل لما في طباع العقلاء من التسليم لزعيم يمنعم من التظالم ويفصل بينهم في التنازع والتخاصم .
وقالت طائفة أخرى
بل وجبت بالشرع دون العقل ، لأن الإمام يقوم بأمور شرعية قد كان مجوزا في العقل أن لا يرد التعبد بها ، فلم يكن العقل موجبا لها وإنما أوجب العقل أن يمنع كل واحد نفسه من العقلاء عن التظالم والتقاطع ، ويأخذ بمقتضى العدل في التناصف والتواصل . ولكن جاء الشرع بتفويض الأمور إلى وليه في الدين ن قال الله تعالى : ( يأيها الذين ءامنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ) النساء 59
ففرض علينا طاعة أولي الأمر فينا وهم الأئمة المتأمرون علينا . وعن أبي هريرة أن رسول الله قال : " سيليكم بعدي ولاة فيليكم البر ببره ويليكم الفاجر بفجوره ، فأسمعوا لهم واطيعوا في كل ما وافق الحق فإن أحسنوا فلكم ولهم ، وأن أساءوا فلكم وعليهم " رواه أحمد .
2ـ ثبوت وجوب الإمامة :

ثبت وجوب الإمامة ففرضها على الكفاية كالجهاد وطلب العلم ، فإذا قام بها من أهلها سقط ففرضها على الكفاية وإن لم يقم بها أحد خرج من الناس فريقان :
أحدهما أهل الاختيار حتى يختاروا إمام للأمة ، والثاني أهل الإمامة حتى ينتصب أحدهم للإمامة .
3ـ الشروط المعتبره في أهل الإمامة :

أحدها : العدالة على شروطها الجامعة
الثاني : العلم المؤدي إلى الاجتهاد في النوازل والأحكام
الثالث : سلامة الحواس من السمع والبصر واللسان ليصح معها مباشرة ما يدرك بها .
الرابع : سلامة الأعضاء من نقص يمنع عن استيفاء الحركة وسرعة النهوص
الخامس : الرأي المفضي إلى سياسة الرعية وتدبير المصالح.
السادس : الشجاعة والنجدة المؤدية إلى حماية البيضة وجهاد العدو .
السابع : النسب وهو أن يكون من قريش لورود النص فيه وانعقاد الإجماع عليه ، ولاعتبار بضرار حين شذ فجوّزها في جميع الناس لأن أبا بكر الصديق رضي الله عنه احتج يوم السقيفة على الأنصار في دفعهم عن الخلافة لما بايعوا سعد بن عبادة بقول النبي (الأئمة من قريش) فأقلعوا عن التفرد بها ورجعوا عن المشركة فيها .
3ـ اختصاصات الخليفة ووظيفتة :

أحدها :
حفظ الدين على أصوله المستقرة وما أجمع عليه سلف الأمة فإن نجم مبتدع أو زاغ ذو شبهة عنه أوضح له الحجة وبين له الصواب وأخذه بما يلزمه من الحقوق والحدود ، ليكون الدين محروسا من خلل، والأمة ممنوعة من زلل .
الثاني :
تنقيذ الأحكام بين المتشاجرين وقطع الخصام بين المتنازعين حتى تعم النصفة ، فلا يتعدى ظالم ولا يضعف مظلوم .
الثالث :
حماية البيضة والذب عن الحريم ليتصرف الناس في المعايش وينتشروا في السفار آمنين من تغرير بنفس أو مال.
الرابع :
إقامة الحدود لتصان محارم الله تعالى عن الانتهاك وتحفظ حقوق عباده من إتلاف واستهلاك.
الخامس :
تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوى الدافعة حتى لا تظفر الأعداء بغرة ينتهكون فيها محرما أو يسفكون فيها المسلم أو معاهد دما.
السادس :
جهاد من عاند الإسلام بعد الدعوة حتى يسلم أو يدخل في الذمة ليقام بحق الله تعالى في إظهاره على الدين كله.
السابع :
جباية الفي والصدقات على ما أوجبه الشرع نصا واجتهادا من غير خوف ولا عسف.
الثامن :
تقدير العطايا وما يستحق في بيت المال من غير إسراف ولا تقتير ودفعه في وقت لا تقديم فيه ولا تأخير.
التاسع :
استكفاء الأمناء وتقليد النصحاء فيما يفوض إليهم من الأعمال ويكله إليه من الأموال ، لتكون الأعمال بالكفاءة مضبوطة والأموال بالأمناء محفوظة.
العاشر :
أن يباشر بنفسه مشارفة الأمور وتصفح الأحوال لينهض بسياسة الأمة وحراسة المله ، ولا يعول على التفويض تشاغلا بلذة أو عبادة ، فقد يخون الأمين ويغش الناصح ، وقد قال الله تعالى : (يَادَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ ) ص 26
فلم يقتصر الله سبحانه على التفويض دون المباشرة ،و لاعذره في الأتباع حتى وصفه بالضلال، وهذا وإن كان مستحقا عليه بحكم الدين ومنصب الخلافة فهو من حقوق السياسة لكل مسترع ، قال النبي عليه : (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته).
قلــــت

وبعد استعراض القليل من هذا الباب وخاصة وظيفة الإمام والراعي فهل يحق أن يقول أحد بأن
الولاية من أمور الدنيا والمدنية . وغيرذلك استعجب منك أيها الدكتورالفاضل وأنت تقول بأن مشيئة الله اقتضت وهل مشيئة الله تستطيع أن تقضي شيئا ؛ فإن المشيئة أمر معنوي بل الله سبحانه وتعالى هو الذي يقضي بمشيئته وياليتك تراجع كتب العقيدة حتى تعلم حكم هذا القول ؛ ولذلك أقول ما ذهبت إليه الدكتورة/ سعاد صالح والاستدلال بالآية الكريمة وضح بعد العرض السابق الذي تعمدت أن أعرضه أولا قبل الآية حتى تظهر الرؤية واضحه . ولا يسعني إلا أن أقول أصابت امرأة وأخطأ عالمان . ولاغنى لنا في عرض وتفسير هذه الآية الكريمة حتى تكتمل الحجة وتزيد المحجة عليكما وعلى من يقول بقولكما.
قَال تَعَالَى : " وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " لِلْعُلَمَاءِ فِيهِ تَأْوِيلَات خَمْس :
أَحَدهَا :
مَا رُوِيَ عَنْ يُسَيْع الْحَضْرَمِيّ قَالَ : كُنْت عِنْد عَلِيّ بْن أَبِي طَالِب رَضِيَ اللَّه عَنْهُ فَقَالَ لَهُ رَجُل يَا أَمِير الْمُؤْمِنِينَ , أَرَأَيْت قَوْل اللَّه : " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " كَيْفَ ذَلِكَ , وَهُمْ يُقَاتِلُونَنَا وَيَظْهَرُونَ عَلَيْنَا أَحْيَانًا ! فَقَالَ عَلِيّ رَضِيَ اللَّه عَنْهُ : مَعْنَى ذَلِكَ يَوْم الْقِيَامَة يَوْم الْحُكْم . وَكَذَا قَالَ اِبْن عَبَّاس : ذَاكَ يَوْم الْقِيَامَة . قَالَ اِبْن عَطِيَّة : وَبِهَذَا قَالَ جَمِيع أَهْل التَّأْوِيل . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا ضَعِيف : لِعَدَمِ فَائِدَة الْخَبَر فِيهِ , وَإِنْ أَوْهَمَ صَدْر الْكَلَام مَعْنَاهُ ; لِقَوْلِهِ تَعَالَى : " فَاَللَّه يَحْكُم بَيْنَكُمْ يَوْم الْقِيَامَة " فَأَخَّرَ الْحُكْم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة . وَجَعَلَ الْأَمْر فِي الدُّنْيَا دُوَلًا تَغْلِب الْكُفَّار تَارَة وَتُغْلَب أُخْرَى ; بِمَا رَأَى مِنْ الْحِكْمَة وَسَبَقَ مِنْ الْكَلِمَة . ثُمَّ قَالَ : " وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " فَتَوَهَّمَ مَنْ تَوَهَّمَ أَنَّ آخِر الْكَلَام يَرْجِع إِلَى أَوَّله , وَذَلِكَ يُسْقِط فَائِدَته , إِذْ يَكُون تَكْرَارًا .
الثَّانِي :
إِنَّ اللَّه لَا يَجْعَل لَهُمْ سَبِيلًا يَمْحُو بِهِ دَوْلَة الْمُؤْمِنِينَ , وَيُذْهِب آثَارَهُمْ وَيَسْتَبِيح بَيْضَتَهُمْ ; كَمَا جَاءَ فِي صَحِيح مُسْلِم مِنْ حَدِيث ثَوْبَان عَنْ النَّبِيّ قَالَ : (وَإِنِّي سَأَلْت رَبِّي أَلَّا يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ عَامَّة وَأَلَّا يُسَلَّط عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسهمْ فَيَسْتَبِيح بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّد إِنِّي إِذَا قَضَيْت قَضَاء فَإِنَّهُ لَا يُرَدُّ وَإِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُك لِأُمَّتِك أَلَّا أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ عَامَّة وَأَلَّا أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيح بَيْضَتهمْ وَلَوْ اِجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا حَتَّى يَكُون بَعْضهمْ يُهْلِك بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضهمْ بَعْضًا) .
الثَّالِث :
أَنَّ اللَّه سُبْحَانه لَا يَجْعَل لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا مِنْهُ إِلَّا أَنْ يَتَوَاصَوْا بِالْبَاطِلِ وَلَا يَتَنَاهَوْا عَنْ الْمُنْكَر وَيَتَقَاعَدُوا عَنْ التَّوْبَة فَيَكُون تَسْلِيط الْعَدُوّ مِنْ قِبَلِهِمْ ; كَمَا قَالَ تَعَالَى : " وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَة فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ " الشُّورَى : 30 . قَالَ اِبْن الْعَرَبِيّ : وَهَذَا نَفِيس جِدًّا .
قُلْت : وَيَدُلّ عَلَيْهِ قَوْله عَلَيْهِ السَّلَام فِي حَدِيث ثَوْبَان (حَتَّى يَكُون بَعْضهمْ يُهْلِك بَعْضًا وَيَسْبِي بَعْضهمْ بَعْضًا) وَذَلِكَ أَنَّ "حَتَّى" غَايَة ; فَيَقْتَضِي ظَاهِر الْكَلَام أَنَّهُ لَا يُسَلِّط عَلَيْهِمْ عَدُوَّهُمْ فَيَسْتَبِيحُهُمْ إِلَّا إِذَا كَانَ مِنْهُمْ إِهْلَاك بَعْضهمْ لِبَعْضٍ , وَسَبْي بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ , وَقَدْ وَجَدَ ذَلِكَ فِي هَذِهِ الْأَزْمَان بِالْفِتَنِ الْوَاقِعَة بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ ; فَغَلُظَتْ شَوْكَة الْكَافِرِينَ وَاسْتَوْلَوْا عَلَى بِلَاد الْمُسْلِمِينَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ مِنْ الْإِسْلَام إِلَّا أَقَلُّهُ ; فَنَسْأَل اللَّه أَنْ يَتَدَارَكَنَا بِعَفْوِهِ وَنَصْره وَلُطْفِهِ .
الرَّابِع :
إِنَّ اللَّه سُبْحَانه لَا يَجْعَل لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا شَرْعًا ; فَإِنْ وُجِدَ فَبِخِلَافِ الشَّرْع .
الْخَامِس :
" وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " أَيْ حُجَّة عَقْلِيَّة وَلَا شَرْعِيَّة يَسْتَظْهِرُونَ بِهَا إِلَّا أَبْطَلَهَا وَدُحِضَتْ .
اِبْن الْعَرَبِيّ : وَنَزَعَ عُلَمَاؤُنَا بِهَذِهِ الْآيَة فِي الِاحْتِجَاج عَلَى أَنَّ الْكَافِر لَا يَمْلِك الْعَبْد الْمُسْلِم . وَبِهِ قَالَ أَشْهَب وَالشَّافِعِيّ : لِأَنَّ اللَّه سُبْحَانه نَفَى السَّبِيل لِلْكَافِرِ عَلَيْهِ , وَالْمِلْك بِالشِّرَاءِ سَبِيل , فَلَا يُشْرَعُ لَهُ وَلَا يَنْعَقِد الْعَقْد بِذَلِكَ . وَقَالَ اِبْن الْقَاسِم عَنْ مَالِك , وَهُوَ قَوْل أَبِي حَنِيفَة : إِنَّ مَعْنَى " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " فِي دَوَام الْمِلْك ; لِأَنَّا نَجِد الِابْتِدَاء يَكُون لَهُ عَلَيْهِ وَذَلِكَ بِالْإِرْثِ . وَصُورَتُهُ أَنْ يُسْلِمَ عَبْد كَافِر فِي يَد كَافِر فَيَلْزَم الْقَضَاء عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ , فَقَبْل الْحُكْم عَلَيْهِ بِبَيْعِهِ مَاتَ , فَيَرِثُ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ وَارِثُ الْكَافِر . فَهْده سَبِيل قَدْ ثَبَتَ قَهْرًا لَا قَصْدَ فِيهِ , وَإِنْ مَلَكَ الشِّرَاء ثَبَتَ بِقَصْدِ النِّيَّة , فَقَدْ أَرَادَ الْكَافِر تَمَلُّكَهُ بِاخْتِيَارِهِ , فَإِنْ حُكِمَ بِعَقْدِ بَيْعه وَثُبُوت مِلْكه فَقَدْ حُقِّقَ فِيهِ قَصْده , وَجُعِلَ لَهُ سَبِيل عَلَيْهِ . قَالَ أَبُو عُمَر : وَقَدْ أَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ عِتْق النَّصْرَانِيّ أَوْ الْيَهُودِيّ لِعَبْدِهِ الْمُسْلِم صَحِيح نَافِذ عَلَيْهِ . وَأَجْمَعُوا أَنَّهُ إِذَا أَسْلَمَ عَبْد الْكَافِر فَبِيعَ عَلَيْهِ أَنَّ ثَمَنَهُ يُدْفَعُ إِلَيْهِ . فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ عَلَى مِلْكه بِيعَ وَعَلَى مِلْكه ثَبَتَ الْعِتْق لَهُ , إِلَّا أَنَّهُ مِلْك غَيْر مُسْتَقِرّ لِوُجُوبِ بَيْعه عَلَيْهِ ; وَذَلِكَ وَاَللَّه أَعْلَم لِقَوْلِ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : " وَلَنْ يَجْعَل اللَّه لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا " يُرِيد الِاسْتِرْقَاق وَالْمِلْك وَالْعُبُودِيَّة مِلْكًا مُسْتَقِرًّا دَائِمًا .
وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء فِي شِرَاء الْعَبْدِ الْكَافِرِ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ عَلَى قَوْلَيْنِ :
أَحَدهمَا : الْبَيْع مَفْسُوخ . وَالثَّانِي : الْبَيْع صَحِيح وَيُبَاع عَلَى الْمُشْتَرِي .
الثَّالِثَة : وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاء أَيْضًا مِنْ هَذَا الْبَاب فِي رَجُل نَصْرَانِيّ دَبَّرَ عَبْدًا لَهُ نَصْرَانِيًّا فَأَسْلَمَ الْعَبْد ; فَقَالَ مَالِك وَالشَّافِعِيّ فِي أَحَد قَوْلَيْهِ : يُحَال بَيْنه وَبَيْنَ الْعَبْد , وَيُخَارَج عَلَى سَيِّدِهِ النَّصْرَانِيّ , وَلَا يُبَاع عَلَيْهِ حَتَّى يُتَبَيَّنَ أَمْرُهُ . فَإِنْ هَلَكَ النَّصْرَانِيّ وَعَلَيْهِ دَيْن قُضِيَ دَيْنه مِنْ ثَمَن الْعَبْد الْمُدَبَّر , إِلَّا أَنْ يَكُون فِي مَاله مَا يَحْمِل الْمُدَبَّر فَيَعْتِق الْمُدَبَّر . وَقَالَ الشَّافِعِيّ فِي الْقَوْل الْآخَر : إِنَّهُ يُبَاع عَلَيْهِ سَاعَة أَسْلَمَ ; وَاخْتَارَهُ الْمُزَنِيّ ; لِأَنَّ الْمُدَبَّر وَصِيَّة وَلَا يَجُوز تَرْك مُسْلِم فِي مِلْك مُشْرِك يُذِلُّهُ وَيُخَارِجُهُ , وَقَدْ صَارَ بِالْإِسْلَامِ عَدُوًّا لَهُ . وَقَالَ اللَّيْث بْن سَعْد : يُبَاع النَّصْرَانِيّ مِنْ مُسْلِم فَيُعْتِقُهُ , وَيَكُون وَلَاؤُهُ لِلَّذِي اِشْتَرَاهُ وَأَعْتَقَهُ , وَيَدْفَع إِلَى النَّصْرَانِيّ ثَمَنه . وَقَالَ سُفْيَان وَالْكُوفِيُّونَ : إِذَا أَسْلَمَ مُدَبَّر النَّصْرَانِيّ قُوِّمَ قِيمَته فَيَسْعَى فِي قِيمَته , فَإِنْ مَاتَ النَّصْرَانِيّ قَبْل أَنْ يَفْرُغ الْمُدَبَّر مِنْ سِعَايَته عَتَقَ الْعَبْد وَبَطَلَتْ السِّعَايَة .
أقوال الفقهاء في تولية أهل الذمة

حكم تولية أهل الذمة عند الحنفية
باب الاستعانة بأهل الذمة
قال الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ) الآية ... في هذه الآية دلالة على أنه لا تجوز الاستعانة بأهل الذمة في أمور المسلمين من العمالات والكتبة. وقد روي عن عمر أنه بلغه أن أبا موسى استكتب رجلا من أهل الذمة, فكتب إليه يعنفه, وتلا : ( يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا بطانة من دونكم ) أي لا تردوهم إلى العز بعد أن أذلهم الله تعالى .
وروى أبو حيان التيمي عن فرقد بن صالح عن أبي دهقانة قال: قلت لعمر بن الخطاب : إن ههنا رجلا من أهل الحيرة لم نر رجلا أحفظ منه , ولا أخط منه بقلم , فإن رأيت أن تتخذه كاتبا قال : قد اتخذت إذا بطانة من دون المؤمنين .
حكم تولية أهل الذمة عند المالكية
(المسألة الثانية : بلغ عمر بن الخطاب أن أبا موسى الأشعري اتخذ باليمن كاتبا ذميا , فكتب إليه هذه الآية , وأمره أن يعزله ; وذلك أنه لا ينبغي لأحد من المسلمين ولي ولاية أن يتخذ من أهل الذمة وليا فيها لنهي الله عن ذلك; وذلك أنهم لا يخلصون النصيحة , ولا يؤدون الأمانة , بعضهم أولياء بعض .)
وفي قوله تعالى : (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء ) هذا عموم في أن المؤمن لا يتخذ الكافر وليا في نصره على عدوه ولا في أمانة ولا بطانة .
من دونكم : يعني من غيركم وسواكم , كما قال تعالى : {ألا تتخذوا من دوني وكيلا} وقد نهى عمر بن الخطاب أبا موسى الأشعري عن ذمي كان استكتبه باليمن وأمره بعزله, وقد قال جماعة من العلماء: يقاتل المشرك في معسكر المسلمين معهم لعدوهم, واختلف في ذلك علماؤنا المالكية . والصحيح منعه لقوله : ( ... إنا لا نستعين بمشرك } . وأقول : إن كانت في ذلك فائدة محققة فلا بأس به )
حكم تولية أهل الذمة عند الشافعية
( ولا يستعان عليهم ) في قتال ( بكافر ) ذمي أو غيره لأنه يحرم تسليطه على المسلم ; ولهذا لا يجوز لمستحق القصاص من مسلم أن يوكل كافرا في استيفائه , ولا للإمام أن يتخذ جلادا كافرا لإقامة الحدود على المسلمين.
تنبيه :

ظاهر كلامهم أن ذلك لا يجوز لو دعت الضرورة إليه لكنه في التتمة صرح بجواز الاستعانة به عند الضرورة , وقال الأذرعي وغيره : إنه المتجه
وقال الرملي في نهاية المحتاج ( ولا يستعان عليهم بكافر ) ولو ذميا ; لأنه يحرم تسليطه على المسلم , ولأن القصد ردهم للطاعة , والكفار يتدينون بقتلهم , نعم يجوز الاستعانة بهم عند الضرورة كما نقله الأذرعي وغيره عن المتولي وقالوا : إنه متجه
وفي الحاشية على نهاية المحتاج : ( قوله : لأنه يحرم تسليطه على المسلم ) وكذا يحرم جعله جلادا يقيم الحدود على المسلمين .
أقـــــــــــول :

وكذا يحرم نصبه في شيء من أمور المسلمين , نعم إن اقتضت المصلحة توليته شيئا لا يقوم به غيره من المسلمين أو ظهر فيمن يقوم به من المسلمين جناية وأمنت في ذمي ولو لخوفه من الحاكم مثلا فلا يبعد جواز توليته فيه للضرورة والقيام بمصلحة ما ولي فيه , ومع ذلك يجب على من ينصبه مراقبته ومنعه من التعرض لأحد من المسلمين بما فيه استعلاء على المسلمين ويؤيد ذلك قوله .
حكم تولية أهل الذمة عند الحنابلة
ويتوجه: يكره أن يستعين بكافر إلا لضرورة, وذكر جماعة: لحاجة, وعنه : يجوز مع حسن رأي فينا, زاد جماعة -وجزم به في المحرر- : وقوته بهم بالعدو
وفي الواضح روايتان: الجواز وعدمه بلا ضرورة , وبناهما على الإسهام له: كذا قال . وفي البلغة: يحرم إلا لحاجة بحسن الظن. قال : وقيل : إلا لضرورة , وأطلق أبو الحسين وغيره أن الرواية لا تختلف أنه لا يستعان بهم ولا يعاونون .
وأخذ القاضي من تحريم الاستعانة تحريمها في العمالة والكتبة , وسأله أبو طالب عن مثل الخراج ؟ فقال : لا يستعان بهم في شيء , وأخذ القاضي منه أنه لا يجوز كونه عاملا في الزكاة, فدل أن المسألة على روايتين, والأولى المنع , لأنه يلزم منه مفاسد أو يفضي إليها, فهو أولى من مسألة الجهاد .
و من تولى منهم ديوانا للمسلمين انتقض عهده; لأنه من الصغار. وفي الرعاية : يكره إلا ضرورة... وعنه في اليهود والنصارى : لا يغتر بهم , فلا بأس فيما لا يسلطون فيه على المسلمين حتى يكونوا تحت أيديهم . قد استعان بهم السلف .
خلاصـــــــــــــة ونصيحـــة

بعد استعراض الأدلة على عدم تولية أحد من أهل الكتاب على المسلمين من أقوال أهل العلم في كتب السياسة الشرعية ودليل القرآن وقول الفقهاء .
أقول ماذا لكم بعد هذا !؟ ولكن السؤال الذي يحيرني وأريد أن أطرحه على كل من يتكلم الأن في مثل هذه المسائل ؟؟ وخاصة في هذا الوقت الحرج من أزمات تمر بها الأمة عامة وفتنه تمر بها مصر الحبيب خاصة !!!
ماذا تريدون من فتح مواضيع لا تزيد إلا فرقه وتفرق في أبناء الوطن الواحد ؟
إنه نداء إلى العقلاء مسلمين ونصارى أن يجلسوا على مائدة الصلح ولا أقول التفاوض وأن يطرحوا الخلافات جانبا التي لا تؤدي إلا لدمار الوطن وهلاك الحرث والنسل من أجل مواجهة الأخطار والمخططات التي من حولنا والتي تريد أن تعصف بالأمة وببلدنا الحبيب .
ونسأل الله أن نكون سببا في فتح أبواب الخير وغلق أبواب الشر وإغماد الفتن ولم الشمل
وأخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين

طباعة


روابط ذات صلة

  السلفية أم العلمانية و الصوفية أقرب للإسلام ؟ ( 1 )  
  السلفية أم العلمانية والصوفية أقرب للإسلام ؟ ( 2 )  
  حقيقة الهيكل المزعوم في عقيدة اليهود !!  
   ما هي الأمانـــــة العلميــــــة في المقول والمنقول ؟  
  ما أحوجنا إلى قمر صناعي إسلامي !!  
  (( زجر السفهاء عن تتبع رخص العلماء ))  
  (( مهلا يا أمة الغضب عليكم لعنة الله ))  
   سوء الظـــــن وعلاجـــــــة ( 1 )  
  سوء الظـــــن وعلاجـــــــة ( 2 )  
  (( ثبــوت دعــاء الركـوب أيهـا الحقـــود ))  
  عـرفة وما أدراك ما يـوم عـرفة !؟  
  (( خطبــة عيــد الأضحى المبارك ))  
  (( علامات الحج المبرور والذنب المغفور ))  
  القواعــد الذهبية في الخلاف ( 1 )  
  القواعــد الذهبية في الخلاف ( 2 )  
  الإعتبــار بمصـــارع الأمم ( 1 )  
  الإعتبــار بمصـــارع الأمم ( 2 )  
  الدعوه الصالحة بالكلمة الطيبة  
  الداعيــة الصغير وهـم الدعــوة الكبير  
  الإنحــــراف الفكــري وأسبابــــه  
  فقه التمكــــين والواقــــع الآليــــم ( 1 )  
  فقة التمكـين والـواقع الآليــــم ( 2 )  
  الكعبــة واحــدة قبلــة للمسلمــين رغــم أنـف الكافـــرين  
  (( عندما تكون الأمة بلا قضية ولا هدف ))  
  (( حوار بين حاكـم وعالـم ))  
   ( أبيــار علي ودار فــــو ر )  
  سنة مهجورة بين العامة و العلماء ( 1 )  
  (( قاضي يرد شهادة سلطان لا يصلي الجماعة ))  
  (( إكذوبة تجديد الخطاب الديني ))  
  (( دماء المسلمين المستباحة ))  
  (( سويسرا وحذر المــآذن ))  
  مسلمي الصين " يبكــــــــــــــــــــــون"  
  (( حتى وقفة عرفات خالف تعرف ))  
  فن الخطابــــــة ( 1 )  


 
::: التعليقات : 0 تعليق :::
 
القائمة الرئيسية
القائمة البريدية

اشتراك

الغاء الإشتراك

عدد الزوار
انت الزائر : 909215

تفاصيل المتواجدين