استقالات الجيش ومرحلة جديدة في تركيا


بعدما قلل الرئيس التركي "عبد الله غول"، ورئيس وزرائه "رجب طيب أردوغان" من أهمية الاستقالات الجماعية لكبار قادة الجيش؛ سارعا في تعيين الجنرال "نجدت أوزل" خلفًا لرئيس هيئة أركان القوات المسلحة المستقيل "إيشيك كوشانر". والجيش التركي تلك المؤسسة العلمانية القوية كانت دائمًا هي القوة المحركة للأحداث في تركيا؛ إلا أنه هذه المرة فضل الاحتجاج الصامت بإعلان كبار قادته لاستقالاتهم احتجاجاً على رفض الحكومة المحافظة ترقية زملائهم المعتقلين بتهمة التآمر على النظام. إلا أن الشيء الذي لا يمكن إغفاله هو تعاظم قدرة حكومة حزب العدالة والتنمية المحافظ- ذي الشعبية الواسعة- على إحكام سيطرتها على مؤسسات الدولة بما فيها المؤسسة العسكرية في ظل الحكم المدني.

ويرى الكاتب والصحافي التركي "مراد يتكين" أن ذلك الحدث الجلل الذي لم تشهد البلاد مثله في تاريخها يمثل نقطة تحول كاسحة في العلاقات العسكرية المدنية في تركيا.

وتحت عنوان "تحول حاد في العلاقات العسكرية المدنية" نشرت صحيفة "حورييت ديلي نيوز" التركية يوم 30 يوليو مقالاً  لـ "يتكين" جاء فيه:

لقد كان احتمال أن يتقدم الجنرال " إيشيك كوشانر"، رئيس هيئة أركان القوات المسلحة التركية، باستقالته شائعة تتردد في أنقرة منذ فترة نظرًا لوجود خلاف في الرأي مع حكومة رئيس الوزراء "رجب طيب أردوغان" بشأن الاعتقالات الأخيرة التي طالت عددًا من جنرالات الجيش وأميرالاته، فضلاً عن الشخصيات التي كان من شأنها أن تحل محلها.

وكان قد تم  تفسير حقيقة اجتماعات كوشانر مع الرئيس "عبد الله غول" وأردوغان منذ مطلع الأسبوع الماضي على نحو متفائل  على أنها علامة على إمكانية  التوصل إلى حل وسط يجعل جميع الأطراف أقل استياء وبالتالي السماح بتجاوز الأزمة قبل اجتماع  المجلس العسكري الأعلى الذي من المقرر أن يبدأ يوم الاثنين الموافق 1 أغسطس.
ولكن عندما عقد القادة الثلاثة اجتماعًا آخر يوم الجمعة (في أعقاب تصريحاتهم الإيجابية يوم الخميس)، بدأت جموع الجماهير في أنقرة في رفع رأسها في تساؤل. فعندما صرح غول للصحافيين عقب الاجتماع أنه لن يضع توقيعه على أي وثيقة دون إجماع، بدأت الحالة المزاجية في التغير بشكل استثنائي؛ حيث تم تفسير التعليق على أنه الرفض التنفيذي لمطالب كوشانر.

أما المفاجأة الحقيقية فكانت تقديم قادة القوات البرية والجوية والبحرية أيضًا استقالاتهم بعد كوشانر؛ وهو أمر لم تشهده تركيا من قبل قط.

وحتى وقت قريب، كانت الحكومة التركية دائمًا ما تخسر كلما اتخذت موقفًا مضادًا للجيش. فبالرغم من كل شيء فالجيش هو من أسقط الحكومة التركية في عام 1960 و1971 و1980. لكن في عام 2007 كان الأمر مختلف، حين جاء رد الحكومة على تحذير الجيش بشأن الانتخابات الرئاسية بالمضي في طريقها قدمًا.

ولكن مع استقالات كبار ضباط الجيش يوم الجمعة، فإن العسكر وليس السياسيون هم من تراجعوا إلى الوراء لأول مرة في تاريخ تركيا.

وكعلامة على تغير "روح العصر" في تركيا، فقد تسببت الاستقالات في هزة في أنقرة، لكن الأزمة سرعان ما تلاشت. وعينت الحكومة الجنرال "نجدت اوزال"- قائد قوات الدرك المعروف جيدًا في أوساط حلف شمال الأطلسي (الناتو) والذي لم يستقيل مع رفاقه- في منصب رئيس هيئة الأركان العامة الجديد فيما أعلن الرئيس "عبد الله غول" أن الأزمة قد انتهت- - وهي علامة على المناخ السياسي الجديد الذي جلبه حصد أردوغان لـ 50% من الأصوات في تركيا في انتخابات الثاني عشر من يونيه الماضي.

وهذه نقطة تحول كبيرة في العلاقات العسكرية المدنية يمكن أن تساهم في ترقي أكبر في العملية الديموقراطية في تركيا. كما ينبغي إيلاء الاهتمام بنتائج اجتماع المجلس العسكري الأعلى الأسبوع المقبل للوقوف على تبعات القرار.





كاتب المقالة : مراد يتكين/ حورييت ديلي نيوز ترجمة/ شيماء نعمان
تاريخ النشر : 06/08/2011
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com