ما صحة دعاء النصف من شعبان ؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته


أولاً:

لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع لا على الهوى والابتداع ، فالأدعية والأذكار النبوية هي أفضل ما يتحراه المتحري من الذكر والدعاء، وسالكها على سبيل السلامة والإطمئنان وحفظ المال والأبدان والتقرب إلى العزيز المنان، والفوائد والنتائج التي تحصل لا يعبر عنه لسان ، ولا يحيط بها إنسان ، وما سواها من الاذكار التي لم ترد بنص أو دليل من النبي الأمين صلى الله عليه وسلم  قد تكون محرمة  أو مكروها وقد يكون فيها شرك مما لا يهتدي اليه أكثر الناس. وليس لأحد أن يسن للناس نوعاً من الأذكار والأدعية غير المسنون ويجعلها عبادة راتبه يواظب الناس عليها كما يواظبون على الصلوات الخمس ، بل هذا ابتداع دين لم يأذن الله به ، بخلاف ما يدعو به المرء أحيانا من غير أن يجعله للناس سنة فهذا إذا لم يعلم أنه يتضمن معنى محرماً فلا بأس به، ولكن قد يكون فيه ذلك والإنسان لا يشعر به ، وهذا أن الانسان عند الضرورة يدعو بأدعية تفتح عليه ذلك الوقت فهذا وأمثاله يقع من بعض الناس دون قصد، وأما اتخاذه ورد يواظب عليه فهذ غير شرعي  ومما ينهى عنه، ومع هذا ففي الأدعية الشرعية والاذكار النبوية غاية المطالب الصحيحة ، ونهاية المقاصد العليا ولا يعدل عنها إلى غيرها من الأذكار المحدثة المبتدعة إلا جاهل أو مفرط أو متعدي. وأفضل الأدعية ما وردت في الكتاب الكريم وما ورد في السنة المطهرة، فكلاهما من مشكاة الوحي، ثم ما ورد على لسان الصحابة.

قال تعالى: (أَمَّن يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ ۗ أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ ۚ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ) النمل:62

عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: " من لم يسأل الله  يغضب عليه " أخرجه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الجامع                                                                                                     وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم - قال: " ليس شيء أكرم على الله تعالى من الدعاء " رواه أحمد والترمذي وابن ماجة وابن حبان، والحاكم وصححه.  في صحيح وحسنه الأرناؤوط في تخريج شرح السنة                                                                                                               وعن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -: " ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة " وفي لفظ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ " ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَجِيبُ دُعَاءً مِنْ قَلْبٍ غَافِلٍ لاَهٍ" قَالَ أَبُو عِيسَى هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ لاَ نَعْرِفُهُ إِلاَّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ والحديث بمجموع الطريقين حسن وقد حسنه الألباني .

وقد سئل شيخ الاسلام عن ذلك فقال: أنا أعتقد أن من أحدث شيئا من الأذكار غير ما شرعه رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أساء وأخطأ إذ لو ارتضى أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم نبيه وأمامه ودليله لاكتفى بما صح عنه من الأذكار فعدوله إلى رأيه واختراعه هو تزيين من الشيطان وخلاف السنة  إذ الرسول لم يترك خيراً إلا دلنا عليه وشرعه لنا  ولم يدخر الله عنه خيراً بدليل إعطائه خير الدنيا والآخرة " انتهى


ثانياً:

أما تخصيص النصف من شعبان بدعاء معين أو صلاة أو أي عبادة، من البدع المنتشرة التي لم تصح ولم ترد لا في كتاب ولا سنة، وكل ما جاء عن فضلها من أحاديث إما موضوعة أو ضعيفة، وقد بينت ذلك في موضوع " اللآلئ المصنوعة من أحاديث النصف من شعبان الموضوعة " ، حتى الحديث الذي يدندن عليه بعض أهل العلم ، صححه بعضهم وضعفه بعضهم بسبب اضطراب في المتن.

 فعن معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (يطلع الله على خلقه في ليلة النصف من شعبان فيغفر لجميع خلقه إلا لمشرك أو مشاحن) رواه البيهقي في شعب الإيمان والطبراني في المعجم الكبير وفي المعجم الأوسط

وعن أبي ثعلبة الخشني، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: (إذا كان ليلة النصف من شعبان اطلع الله إلى خلقه فيغفر للمؤمن، ويملي للكافرين، ويدع أهل الحقد بحقدهم حتى يدعوه) رواه البيهقي في شعب الإيمان وفي السنن الصغرى، و الطبراني في المعجم الكبير

 وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَطَّلِعُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِعِبَادِهِ إِلَّا لِاثْنَيْنِ مُشَاحِنٍ وَقَاتِلِ نَفْس)
رواه أحمد، وقال المحشي شعيب الأرناؤوط: صحيح بشواهده وهذا إسناد ضعيف لضعف ابن لهيعة.

والخلاصة:

أن على العبد الالتزام بالأدعية الصحيحة الواردة، فهي خير من الأدعية المحدثة الشاردة على لسان الناس، وأن يتعرض ويتتبع فضائل الله عز وجل ورحماته في الأماكن والأوقات التي فيها بركة وفضل.

هذا. والله أعلى وأعلم




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 13/05/2017
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com