شهد قطاع التعليم منذ تعيين الوزيرة الحالية نورية بن غبريط في مايو/أيار 2014 هزات وأحداثا مختلفة بين مشاكل وفضائح، ورغم ذلك ظلت الوزيرة صامدة في وجه العواصف ولم تتزحزح من منصبها رغم دعوات لإقالتها.
ورغم تعالي العديد من الأصوات المعارضة للوزيرة، خصوصا في المعارضة الإسلامية، أظهر تطور الأحداث أن المرأة تحظى بدعم من الحكومة والرئيس عبد العزيز بوتفليقة.
وقد انعكس ذلك جليا في دفاع رئيس الوزراء عبد المالك سلال وعدد من زملائها في الحكومة عنها، منتقدين ما سموه بـ"المؤامرة" التي تتعرض لها.
وقد نظم هؤلاء الأساتذة مسيرة طويلة في شهري مارس/آذار وأبريل/نيسان بدأت من مدينة بجاية (200 كم شرق العاصمة) باتجاه العاصمة مشيا على الأقدام
وبعد أسبوع من السير، اعترضت قوات الأمن المسيرة وأرغمت المشاركين على التوقف عند تخوم العاصمة وتحديدا بمدينة بودواو، حيث نصبوا خيما وتحولت المسيرة إلى اعتصام مفتوح حقق صدى إعلاميا وتعاطفا شعبيا وسياسيا، حتى قيام السلطات بفض الاعتصام بالقوة وترحيل المعتصمين إلى مدنهم ومحافظاتهم.
وترأس اللجنة علي بن زاغو، وهو أستاذ جامعي محسوب على التيار الفرانكفوني، وكانت اللجنة على مدار سنة كاملة من العمل حلبة للصراع الأيديولوجي بين المعربين والإسلاميين والفرانكفونيين العلمانيين، وهو ما جعل نتائج عمل اللجنة لا يظهر للعلن.
ومنذ تعيين الوزيرة الحالية نورية بن غبريط في منصبها في مايو/أيار 2014، بدأت تتحدث عن الجيل الثاني من الإصلاحات، وهي تعرب عن عدم رضاها عن واقع التعليم، وقد كانت عضوا في لجنة علي بن زاغو، وسبق لها أن نشرت مقالات ودراسات تنتقد فيها المدرسة الجزائرية لأنها ساهمت في تخريج "أصوليين وإرهابيين"، على حد قولها
مشكلة ما يسمى بالجيل الثاني من الإصلاحات أنها ظلت طي الكتمان، لا أحد يعلم بتفاصيلها، وهو ما عرّض الوزيرة لانتقادات كثيرة، ولا سيما مع بعض التسريبات التي حصلت، ومنها السعي إلى استخدام العامية في تدريس بعض المواد، وأيضا الاستعانة بـ11 خبيرا فرنسيا في إعداد المناهج.
وما كادت السنة الدراسية الحالية 2016 /2017 تنطلق حتى بدأت الإصلاحات تتكشف وتتجلى من خلال الأخطاء والمضامين التي أثارت زوبعة وجدلا لم ينته بعد.
ورغم هول التسريبات التي لم يسبق لها مثيل في تاريخ الجزائر، لم يتزعزع موقع وزيرة التربية، بل لقيت دعما وتأييدا من الحكومة، بدءا من رئيس الوزراء عبد المالك سلال وصول إلى أحزاب الموالاة، في حين طالبت الأحزاب الإسلامية برحيلها.
وقال المعلمة للتلاميذ إن هذا العام سيكون عربيا، وكلمتهم عن الأخلاق والقيم.
وبين مؤيد ومعارض لخطوة المعلمة صباح، انقسم الرأي العام، وإن كان المعترضون عليها قالوا إنها صورت الأطفال من دون إذن، بينما ركز آخرون على ما اعتبروه تطرفا وخطابا "داعشيا"، لأنها تحدثت عما اعتبرته "لغة أهل الجنة".
ووصل الأمر إلى الوزيرة بن غبريط التي شكلت لجنة تحقيق مع المعلمة، ولم تتوصل اللجنة إلى شيء، بل إن أولياء التلاميذ ظهروا في وسائل الإعلام وهم يدافعون عن المعلمة وطريقتها التي يحبها الأطفال.
وقد عكست الحادثة حجم الصراع الأيديولوجي حول المدرسة ومناهج التعليم بين تيارين، أحدهما يشكل الأغلبية والثاني أقلية لكنها نافذة.
وتحولت "الواي واي" إلى ظاهرة اجتماعية، حيث نشرت الكثير من الفيديوهات من داخل المدارس لتلاميذ وطلاب وهم يرقصون على إيقاعات هذه الأغنية التي لا تحمل أي قيم.
وقد أثار الفيديو حينها ضجة واسعة دفعت الوزيرة إلى الإعلان عن فتح تحقيق حول القضية، دون أن يظهر شيء بعدها إطلاقا
وأثار هذا الخطأ زوبعة كبيرة، ووجده المعارضون دليلا ماديا لإدانة الإصلاح التربوي واتهامه بأنه يستهدف القيم والثوابت والهوية، في حين دافعت الوزيرة بن غبريط عن نفسها بأن ما وقع كان خطأ مطبعيا يتحمل وزره الناشر.
كما ورد خطأ آخر في كتاب الجغرافيا نفسه قدم الجزائر على أنها ثاني دولة أفريقية وعربية من حيث المساحة بعد السودان، رغم أن الجزائر هي الأولى من حيث المساحة، كما تظهر في الكتاب خريطة السودان القديمة قبل الانقسام.
وفي كتاب التربية المدنية للصف الأول الإعدادي، يقدم الاستفتاء الذي جرى حول استقلال الجزائر في 1962 على أنه نموذج لعلاقة الحاكم بالمحكوم، وهو ما أثار ضجة، لأن التمرين يقدم فرنسا دولة ديمقراطية بينما هي دولة احتلال.
وفي كتاب التربية المدنية من الصف الثاني الابتدائي، تعليم "الجنس" للطفل من خلال طريقة التكاثر لدى الحيوانات، وفي الشرح على شكل تمرين بالصور يطلب من التلميذ ملء الفراغات عن أهم المراحل والحركات التي تقوم بها القطط عند اقتراب وقت التكاثر.