خبراء: مواقع التواصل تدعم دمج العرب في المجتمع البريطاني


مع زيادة عدد المهاجرين في العالم لأسباب اقتصادية أو إنسانية أو سياسية مختلفة، عقدت "مايغريت" ( مؤسّسة تهدف إلى دعم المهاجرين، من خلال تقديم المشورة المجانية في كل ما يتعلّق بشؤون الهجرة) في العاصمة البريطانية لندن، تناقش فيها أثر وسائل التواصل الاجتماعي على اندماج العرب في المجتمع البريطاني.


وأبدى عدد من الإعلاميين والمتخصّصين في مجالات فنية وثقافية آراءهم في التقدّم التكنولوجي الذي ألمّ بوسائل التواصل الاجتماعي التقليدية ونقلتها النوعية إلى عالم الإنترنت "فيسبوك"، و"تويتر" و"لنكد إن" و"إنستغرام"، ودورها في تسهيل تواصل المهاجرين العرب من خلال توفير قاعدة أساسية متنوّعة، تبقيهم على اتصال بالأهل والأصدقاء وتفتح لهم فرص التعاون في شتّى المجالات.

وتساءل الباحث المختص في دراسات الإعلام الجديد، الدكتورخليل الأغا، عن دور وسائل التواصل الاجتماعي في مساعدة المهاجرين على بدء رحلة الاندماج في المجتمع البريطاني، الذي يزخر بالتنوع الحضاري لمجتمعات عدة من المهاجرين.

ولفت الأغا الذي أدار الحوار، إلى لاعبين أساسيين في مسألة الاندماج، الأول، الدول المستضيفة التي عليها أن توفر سبل الإندماج ووسائله من خلال تقبل ثقافاتهم المختلفة، والثاني مجتمعات المهاجرين أنفسهم، التي تحتاج إلى توعية بمعنى الإندماج وماهية هذا الإندماج من دون ذوبان هويتهم الثقافية في المجتمعات المضيفة. وتحدّث عمّا يتوقّعه كل منهما من الآخر، وقال إنّ الاندماج الذي يسعى إليه الجميع "هو الإحساس بأنّهم جزء من المجتمع الذي يقيمون فيه، بيد أنّ بعض المهاجرين يعتقد أنّ الدول المستضيفة تطالبهم بذوبان هويتهم في مجتمعاتها".


وأكمل الأغا، وهو مسؤول الموقع الإلكتروني بـ"العربي الجديد" باللغة العربية، أنّه من الجدير بالذكر الانتباه إلى اختلاف نظرة الأجيال الشابة إلى وسائل التواصل الاجتماعي، إذ تبحث فيها عن فرص عمل وحياة ولا تعتبرها عوالم وهمية بل واقعا موجودا في مكان بعيد عنّا ولا يجوز نفي صفة الحقيقة عنها.

من جهتها قالت مديرة منظمة "ميرينا"، تارا جعفر، لـ"العربي الجديد" إنّ الاندماج يحمل مدلولين مختلفين، أوّلهما هو تعرّف الإنسان ذاته على هويته في المهجر من منطلق فردي، كي يتمكّن بعد ذلك من الاندماج في المجتمعات الأكبر ويصبح قادراً على تقبّل الآخر واختلافاته.

وأعطت جعفر ذاتها مثالاً عن تعريف الفرد لذاته فهي عراقية بريطانية وتحبّذ تعريف ذاتها على ذلك الأساس عوضاً عن القول إنّها عربية بريطانية. وفي المقابل هناك من ينفي جنسية بلاده عنه وتفضّل الاصطفاف إلى جهة القومية العربية حين تعرّف عن ذاتها. "إنّها مسألة تعود لمبادئ كل شخص منّا على حدّة ميوله وإيمانه".

وفي السياق عينه، عبّرت الصحافية وصاحبة مدونة "نهلة إنك، نهلة العجيلي، عن صعوبة اتخاذ قرار الرحيل عن أرض الوطن على أي إنسان، والاكتئاب الذي قد يسبّبه ذلك الانتقال إلى عالم جديد، وأشارت إلى الدور المهم الذي تلعبه وسائل التواصل الاجتماعي في إيجاد روابط مع أناس تجمعهم جذور أو إثنيات أو جنسيات أو دين أو اهتمامات واحدة.

وأضافت العجيلي أنّها لم تشعر أنّها بريطانية سوى منذ خمس سنوات على الرغم من إقامتها في البلاد نحو عشرين عاماً، مشيرة إلى صعوبة الانتماء التي تواجه المغتربين والتأرجح بين ثقافتين متناقضتين.

وفي حديث لـ"العربي الجديد" قالت العجيلي، إنّ عالم الإنترنت "هو انعكاس للعالم الحقيقي، هناك أناس يصنّفون ذواتهم مسلمين أكثر من انتمائهم للقومية العربية وتوفّر وسائل التواصل الاجتماعي، مجموعات تتناسب مع جميع المنظمّات والتوجّهات من دينية وفنيّة وسياسية وأكاديمية حيث يجد كل منّا ما يبحث عنه".

أما مدير مركز "آرتس كانتين"، آسر السقا، الذي يسلّط الضوء على الثقافة والفنون بشكل عام وخصوصاً الفن العربي والشرقي في بريطانيا)، فيرى أنّ الاندماج "أشبه بمعركة يخوضها الإنسان ويواجه فيها تحدّيات قد تستدعي تحرير الفكر للتمكّن من التفاعل أو الاندماج في المجتمعات المختلفة او الغريبة عن أصولنا وتقاليدنا وقيمنا". وأشار السقا إلى أنّ ذلك "لا يعني التخلّي عن جذورنا"، لافتا إلى أنّ مفهوم الاندماج "يبقى معقّدا وبحاجة لمزيد من التعمّق والتحليل".

وعن تأثير وسائل التواصل الاجتماعي الكبير على المجتمعات، قال السقا إنّ سبب ذلك قد يعود إلى الكلفة الرخيصة حتى باتت في متناول الجميع تقريباً، وتنوّعها فهي أشبه بسوق كبير حيث نجد جلّ ما نبغيه من المطبح إلى الفن والسياسة والمجتمع. خلص السقا، لإلى تشبيه عالم الأنترنت، بسيف ذو حدّين.
في المقابل، عبّر بعض من الحاضرين عن صعوبة الحصول على تأشيرة لدخول بريطانيا ممّا يؤدي إلى موت اللاجئين في بلادهم حيث الحرب، وتضاربت الآراء بينهم حول مفهوم العروبة في الشرق وبين المجتمعات العربية المهاجرة في ظلّ تنوّع الإثنيات والأعراق التي تحتضنها تلك البقعة من العالم. 




كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 03/03/2015
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com