تونس تبدأ اليوم انتخابات القارات الخمس


تنطلق اليوم الخميس، رسمياً، الانتخابات التشريعية التونسية في الخارج الموزع على القارات الخمس، في تحدٍّ تنظيمي ولوجستي كبير. ويبلغ عدد الناخبين التونسيين في الخارج، 359 الفاً و530 ناخباً، موزعين على 368 مكتب اقتراع في الدول العربية والأوروبية والآسيوية وفي القارة الأميركية وأستراليا. وتبدأ الانتخابات، اليوم، من عاصمة أستراليا، كامبرا، بحكم فارق التوقيت، على أن تتواصل في باقي البلدان على مدى اليومين المقبلين وفق الروزنامة التي أقرها المجلس الوطني التأسيسي، على أن تعلن نتائج هذه الانتخابات الأولية في غضون ثلاثة أيام كحد أقصى، وفق ما اكدته عضو الهيئة العليا للانتخابات فوزية الدريسي، لـ"العربي الجديد".

وأكدت الدريسي أن الهيئة أنهت تقريباً كل الاستعادات اللوجيستية، وأوصلت المواد الانتخابية لكل المكاتب، على أن يصل الحبر الانتخابي الى استراليا قبل موعد انطلاق الاقتراع.

واعتمدت هيئة الانتخابات، وفق الدريسي، شرطين أساسيين في اختيار مكاتب الاقتراع في كل دولة، وهما توفر أكثر من خمسين ناخباً، ووجود تمثيلية ديبلوماسية تونسية في المركز، ما جعل هذه الانتخابات تصل إلى مدن بعيدة جداً في كندا وأميركا وأستراليا وآسيا، على غرار سيول وبكين وطوكيو وغيرها من المدن البعيدة جغرافياً عن تونس، بالإضافة إلى المدن العربية والأوروبية وعدم اقتصارها على العواصم فقط.

غير أن بعض جمعيات المجتمع المدني نبّهت إلى وجود حالات خلل في الإعداد للانتخابات التشريعية في الخارج، تتعلق بالخصوص بعدم حياد بعض رؤساء هيئات فرعية للانتخابات، ومسؤولي بعض مكاتب الاقتراع مثل ألمانيا وإيطاليا وفرنسا. لكن فوزية الدريسي ردت بأنه كان على الجمعيات التي قدمت هذه الشكاوى، أن تقدم دليلاً على اتهامها لبعض العناصر يمكن للهيئة أن تنطلق منها لإثبات عدم حيادها.

وذكّرت بأن الهيئة استبدلت بعض مسؤولي هيئات فرعية، مثل رئيسة الهيئة الفرعية لدائرة الأميركيتين وباقي دول أوروبا، عندما ثبت لديها عدم حياديتها، وبسبب أخطاء مهنية ارتُكبَت، أو رئيس الهيئة الفرعية لدائرة فرنسا 2، "لعدم الالتزام بواجب التحفظ وحضوره اجتماعاً حزبياً". وقالت الجريسي إنه لا يمكن اعتماد مجرد تخمينات أو اتهامات لا دليل لها.

واعترفت الدريسي بأن المشاكل تكمن خصوصاً في مكاتب التصويت المنتشرة بالدول العربية حيث يصعب على الهيئة الفرعية إثبات عدم حيادية هذه العناصر بحكم بعدها الجغرافي عن هذه الدول، وعدم معرفتها بالمرشحين، و"على الرغم من ذلك، فقد طلبنا من سفاراتنا التثبت من هذه الاتهامات". وطمأنت إلى أن النتائج "ستكون جاهزة في غضون ثلاثة أيام مثلما ينص عليه القانون وسيقع اعتماد الفرز اليدوي والآلي للتثبت من أي خطأ قد تقع، وهي طريقة معتمدة في المكسيك التي تُعتبر رائدة في هذا المجال". كما كشفت المسؤولة التونسية أن الهيئة اعتمدت شركات خاصة في أوروبا لضمان سلامة وصول الطرود الانتخابية لكل المكاتب.

من جهة أخرى، يبدو التنافس السياسي قوياً في هذه الانتخابات للفوز بأكبر عدد من المقاعد الـ16 التي تقدمها الدوائر الانتخابية الست في الخارج، ما دفع بأغلب الأحزاب الكبرى إلى تكثيف لقاءاتها الشعبية مع الجالية التونسية هناك، ومحاولة اختيار العناصر الأكثر تمثيلية وتأثيراً في أوساط المهاجرين الذين يعيشون بشكل متباعد جغرافياً واجتماعياً، حيث تغيب الأطر الجامعة باستثناء بعض اللقاءات الخاصة في مواسم الأعياد والمناسبات، ممّا يجعل المهمة صعبة نسبياً، خصوصاً في الدول الأوروبية.

لكن الأحزاب السياسية خصصت جزءا مهما من حملاتها الانتخابية هذه المرة على البلدان ذات الكثافة الكبيرة لناحية أعداد أفراد الجالية التونسية، مثل فرنسا وألمانيا وإيطاليا. وتفيد الأنباء المتواترة من هُناك، بأن التنافس سيكون على أشده، برغم أن بعض المتابعين يَرَوْن أن الأمر محسوم بين الأحزاب الكبرى، بحكم تأثيرها التاريخي في الجالية التونسية المهاجرة، من هنا يتوقع كثيرون حصول مفاجآت كبرى.

ويرى محللون أن بعض الأسماء التي سبق لها أن فازت في انتخابات المجلس التأسيسي في 2011، وأعادت الترشح لمجلس النواب، تنطلق بأفضلية مريحة، وخصوصاً أنها أثبتت نوعاً من الجرأة في الدفاع عن قضايا المهاجرين، ما دفع إلى التفكير في إنشاء مجلس أعلى للمهاجرين يُعنى بمشاكلهم. لكن بعض الأسماء الأخرى لم تستغل وجودها في المجلس التأسيسي بشكل يضمن لها الاستمرارية في "قبة باردو"، ولكنها تبقى مجرد تخمينات سيحسمها التونسيون بأنفسهم خلال اليومين المقبلين.



كاتب المقالة :
تاريخ النشر : 23/10/2014
من موقع : موقع الشيخ محمد فرج الأصفر
رابط الموقع : www.mohammdfarag.com