يعيد اللقاء الذي جمع الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، وملك المغرب محمد السادس، أول من أمس، الحرارة مجدداً إلى خط باريس الرباط، بعد عام من الجفاء المتبادل، ليزيل التشنّجات العابرة.
ولم يغفل البيان الرسمي الصادر عن قصر الإليزيه التأكيد على عودة العلاقات المغربيّة الفرنسيّة إلى سكّتها القديمة، عقب اللقاء غير الرسمي بين الرجلين. وبدا البيان، في صيغته المقتضبة، مشجعاً على أنّ سحابة التوتر التي خيّمت على العلاقات بين الرباط وباريس قد انجلت، بعد سنة صاخبة وجّهت فيها فرنسا مدفعيتها الثقيلة تجاه عدد من المسؤولين المغاربة في أجهزة الإدارة الترابية، وتوجتها بطلب استدعاء مدير المخابرات المغربية لاستجوابه أمام القضاء الفرنسي.
لم تتمكن الرباط من "هضم" هذا السلوك الذي اعتبرته منافياً للعلاقات الدبلوماسية التقليدية التي تربط بين البلدين، ويعارض فحوى الاتفاقات القضائيّة التي تفرض المرور عبر القنوات المعروفة. وشهدت العلاقة الثنائيّة بعدها تدهوراً بشكل سريع إلى أدنى مستوياتها، بعدما خضع رئيس الدبلوماسيّة المغربيّة صلاح الدين مزوار لتفتيش دقيق، في مطار شارل ديغول، اعتبرته الرباط "مهيناً"، إذ أجبره مسؤولون أمنيون فرنسيون على خلع حذائه وسترته وحزامه أثناء توقفه في باريس، في طريقه من لاهاي إلى المغرب.
ولم ينجح وزير الخارجية الفرنسي رولان فابيوس حينها، في لمّ تداعيات هذه الحادثة، على الرغم من بلاغ الاعتذار الصادر عن وزارته باسم الحكومة الفرنسيّة. ولم تتردّد الرباط في إرسال إشارة صريحة بشأن عدم استعدادها للتنازل عن "كرامتها الدبلوماسية" عقب مسيرة شارلي إيبدو. واكتفى مزوار بتقديم التعزية الرسمية من دون أن يشارك في المسيرة، ممهداً لذلك ببلاغ يشرح فيه حيثيات عدم مشاركته.
وجاءت الزيارة الخاصة التي قام بها الملك المغربي إلى تركيا، الشهر الماضي، لتعزّز الشكوك حول مآل العلاقات التي توصف دائماً بالتاريخية والعميقة، وسط تساؤلات عمّا إذا كان التوجه نحو تركيا، يعكس تغيراً استراتيجياً في علاقات المغرب الخارجيّة، وسعي الرباط إلى البحث عن بدائل إقليمية أخرى.
وفي قمّة الخلاف بين البلدين، زار وزير العدل المغربي مصطفى الرميد، العاصمة الفرنسية، حيث التقى وزيرة العدل الفرنسية، كريستيان توبيرا. وبحث الطرفان خلال لقائهما السبل الأمثل لاستئناف اتفاقيات التعاون القضائي وتطويرها. وتزامنت زيارة الرميد الناجحة، مع إعلان القصر بدء الملك زيارة خاصة إلى باريس، أعقبها ظهور الأميرة لالة مريم في تكريم شخصيات في معهد العالم العربي، بحضور رئيس الوزراء الفرنسي إيمانويل فالس، ليتوّج مسار التطور السريع، بلقاء الملك وهولاند في الإليزيه.