أثار مشهد مثول الرئيس المصري السابق "محمد حسني مبارك" في قفص الاتهام في الجلسة الافتتاحية لمحاكمته العديد من ردود الأفعال حول العالم؛ حيث اعتبرت الدوائر السياسية الغربية أن المحاكمة التي تأتي بعد نحو ستة شهور من ثورة الخامس والعشرين من يناير هي محاكمة القرن التي ستؤرخ لبدء حقبة جديدة تشهدها مصر وهو ما سيكون له تداعياته وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على العالم الخارجي.
وبالرغم من قسوة المشهد، فإن محاكمة الرئيس السابق إلى جانب نجليه وعدد من مساعديه هو بمثابة نقطة انطلاق هامة في الوقت الذي تخرج فيه مصر من ماضيها القمعي- ولو أنها كان يمكن أن يكون لها تأثير أكبر على أهداف الحق والمساواة إذا ما جرت في ظل نظام ديموقراطي فعال. وذلك ما يطرح سؤالاً بشأن ما إذا المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد سوف يفي بوعده بإجراء انتخابات حرة ونزيهة في هذا الخريف أم لا. وكان قد تقرر أن يُجرى الاقتراع في نوفمبر المقبل إلا أن المباديء التي صادق عليها الضباط العسكريون معقدة بصورة مفرطة، كما من المحتمل أن يتم استبعاد مراقبي الانتخابات الأجانب من العملية الانتخابية. وهذا ليس له وقع جيد: فالعديد من المصريين يخشون من أن يستمر الجيش في الإمساك بزمام الأمور. وفي الوقت نفسه، تستغل الجماعات الإسلامية - وهي حتى الآن أفضل الكيانات السياسية تنظيمًا في البلاد- الفجوة الحالية لإعداد أنفسهم للسلطة. وقد خرج الأسبوع الماضي أكثر من مليون شخص من الأصوليين الإسلاميين إلى الشوارع مطالبين بمصر إسلامية.
وكان قد حذر الكثيرون في وقت سقوط الرئيس السابق "حسني مبارك" من أن ربيع العرب يمكن أن يسفر عن نتائج ضارة بالنسبة للمصالح الغربية. فقد كان هذا الرجل لا يترأس دولة معتدلة وعلمانية فحسب، ولكنه أثبت أنه حليف موثوق للغرب في منطقة متقلبة سياسيًا. ولكننا بغض النظر عن نتائج انتخابات نوفمبر، يتعين علينا أن نبدأ في الاعتياد على فكرة أن أكبر دولة تعدادًا للسكان في العالم العربي ربما لن تكون في المستقبل ممثلة لأيٍ من هذه الأشياء.